الديزل يشعل الغضب الشعبي.. أزمة وقود تثير الانقسام بين مؤيدين ومعارضين في الإكوادور

الديزل يشعل الغضب الشعبي.. أزمة وقود تثير الانقسام بين مؤيدين ومعارضين في الإكوادور
احتجاجات الإكوادور

شهدت العاصمة الإكوادورية كيتو الأحد يوماً حافلاً بالتظاهرات المتقابلة بين مؤيدين ومعارضين للرئيس دانييل نوبوا، بعد أن دخلت حالة الطوارئ حيّز التنفيذ في عشر مقاطعات من البلاد، قرار الحكومة جاء رداً على تصاعد الاحتجاجات التي تقودها منذ أسبوعين أكبر منظمات السكان الأصليين، رفضاً لإلغاء دعم الوقود الذي أدى إلى رفع سعر الديزل من 1.80 دولار إلى 2.80 دولار للجالون.

في أحد المتنزهات الشعبية بالعاصمة، ردد المحتجون المناهضون للحكومة شعارات غاضبة، منها: "إذا ارتفع سعر الديزل، يرتفع كل شيء"، و"ارحل يا نوبوا"، في تعبير مباشر عن قلقهم من موجة غلاء متوقعة تشمل جميع السلع والخدمات بحسب وكالة الأنباء الألمانية، وفي المقابل، احتشد أنصار الرئيس بأعداد كبيرة في المكان نفسه، حيث أقيمت فعاليات مؤيدة تضمنت معرضاً فنياً بمشاركة وزراء ومسؤولين تحت حماية قوات الشرطة والجيش.

الطوارئ وحدود الحرية

قرار الحكومة إعلان الطوارئ نص على تقييد حرية التجمع في عشر مقاطعات تُعدّ معاقل رئيسية للسكان الأصليين في الإكوادور، لكنه لم يحظر التظاهرات السلمية بشكل كامل، وشددت وزيرة الحكومة زايدا روفيرا على أن البلاد "سئمت من العنف"، في حين قال إدغار لاما، رئيس مجلس الضمان الاجتماعي، إن "أقلية لا يمكن أن تفرض إرادتها عبر العنف".

تصاعد المواجهات ومطالب المحتجين

ورغم أن الشرطة لم تسجل إصابات أو اعتقالات جديدة يوم الأحد، فإنها فرّقت المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع بعد محاولات لاختراق الطوق الأمني حول المتنزه، ويطالب المحتجون اليوم بالإفراج عن نحو 100 معتقل، منهم 13 شخصاً وُجهت إليهم تهم "الإرهاب"، ويأتي ذلك بعد أسبوع من مواجهات دامية أسفرت عن مقتل مدني وإصابة عدد آخر، فضلاً عن احتجاز عسكريين لفترة وجيزة قبل إطلاق سراحهم.

موقف الحكومة والرئيس نوبوا

رئيس الإكوادور أكد في رسالة نشرها على منصة "إكس" أنه لن يتراجع عن قرار خفض دعم الوقود، قائلاً: "أولئك الذين يختارون العنف سيواجهون القانون، وأولئك الذين يتصرفون تصرف المجرمين سيعاملون معاملة المجرمين"، بهذا الموقف، بدا نوبوا مصمماً على مواجهة الضغوط الشعبية، حتى لو أدى ذلك إلى مزيد من التوتر.

الإكوادور عرفت تاريخياً سلسلة من الانتفاضات الشعبية بقيادة السكان الأصليين الذين يشكلون ما يقارب ربع سكان البلاد، ففي عام 2019، أجبرت احتجاجات مماثلة الحكومة آنذاك على التراجع عن إصلاحات اقتصادية شملت تقليص دعم الوقود، وتُعد قضية الدعم واحدة من أعقد الملفات الاجتماعية في الإكوادور، إذ يرتبط بشكل مباشر بمستوى المعيشة وأسعار النقل والغذاء، ما يجعلها خطاً أحمر بالنسبة للفئات الأفقر.

بحسب بيانات رسمية، يبلغ معدل الفقر نحو 27 في المئة من سكان الإكوادور، في حين تصل نسبة البطالة المقنّعة إلى مستويات مرتفعة في المناطق الريفية حيث يقيم غالبية السكان الأصليين، هؤلاء يرون في قرارات رفع أسعار الوقود تهديداً مباشراً لاقتصادهم الهش، ويعدونها خضوعاً لوصفات صندوق النقد الدولي.

منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية أعربت في بيانات متفرقة عن قلقها من استخدام حالة الطوارئ لتقييد الحريات، ودعت الحكومة إلى الحوار بدلاً من المواجهة الأمنية، كما حذرت من أن استمرار الأزمة قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من العنف السياسي وعدم الاستقرار، في بلد يعاني أصلاً من تحديات أمنية بسبب تصاعد نشاط العصابات المسلحة وتهريب المخدرات.

تضع أزمة الوقود الحالية الرئيس دانييل نوبوا أمام اختبار صعب بين الاستجابة لمطالب الشارع أو الإصرار على تنفيذ إصلاحاته الاقتصادية، ومع دخول حالة الطوارئ حيّز التنفيذ، يتجه الصراع إلى مرحلة أكثر تعقيداً، خصوصاً أن تاريخ الإكوادور الحديث يثبت أن الاحتجاجات الشعبية، ولا سيما تلك التي يقودها السكان الأصليون، قادرة على تغيير المسار السياسي برمته، وبينما يتمسك نوبوا برفض التراجع، يبقى السؤال مفتوحاً حول قدرة حكومته على احتواء الأزمة عبر الحوار، أو انزلاقها نحو مواجهة أوسع قد تهدد استقرار البلاد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية